
كتبت صحيفة "الأخبار": حملت كلمة الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، ردّاً حاسماً وواضحاً على التصريحات التي أدلى بها أخيراً رئيس الحكومة نواف سلام، وأشار فيها إلى أنّ مطلع العام الجديد سيشكّل بداية الانتقال إلى «المرحلة الثانية» من خطة الجيش الهادفة إلى حصر السلاح شمال نهر الليطاني. وجاء موقف قاسم قاطعاً بالرفض، موجّهاً رسالة مباشرة إلى المعنيّين بقوله: «لا تطلبوا منّا شيئاً بعد الآن».
وفي كلمة ألقاها في الذكرى السنوية الثانية لرحيل القائد الجهادي المؤسِّس محمد ياغي، شدّد قاسم على أنّه «في ظل عدم تنفيذ العدو لأي خطوة من الاتفاق، لم يَعُد مطلوباً من لبنان اتخاذ أي إجراء على أي صعيد، قبل أن يلتزم العدو الإسرائيلي بكل ما عليه». وحذّر من أنّ «التبرّع للعدو بإجراءات إضافية، سواء من الدولة اللبنانية أو غيرها، يُعدّ تنازلاً غير مسؤول وخطيراً، ويهدّد المصالح الوطنية الكبرى».
وشدّد قاسم على «وقف العدوان جواً وبراً وبحراً، وعلى الانسحاب الكامل من النقاط المحتلة، والإفراج عن جميع الأسرى، وبدء عملية الإعمار انطلاقاً من الجنوب بما يتيح عودة القرى وأهلها».
ولفت إلى أنّه «مضى أكثر من عام على الاتفاق، قدّم خلاله الجانب اللبناني الكثير من التنازلات والعطاءات، فيما لم يتوقّف الإسرائيلي عن اعتداءاته ولم يقدّم أيّ التزام مقابل».
وانتقد الحكومة اللبنانية، معتبراً أنّها «أضافت تنازلات مجانية، في حين لم تقدّم إسرائيل شيئاً»، مجدّداً التأكيد على «التزام لبنان والمقاومة بمضمون الاتفاق عبر الدولة والجيش، مقابل استمرار إسرائيل في الخروق والتوغّلات الأمنية داخل الأراضي اللبنانية». وتساءل: «أين الدولة من عملية الاختطاف الأخيرة للضابط أحمد شكر في منطقة زحلة؟»، معتبراً أنّ هناك من «يريد للجيش اللبناني أن ينفّذ بيدٍ بطّاشة»، ومشيراً إلى أنّ «مشهد التعاون بين الجيش والمقاومة هو ما أغاظهم وأزعجهم».
ولفت قاسم إلى أنّ «ما أنجزه الجيش اللبناني من انتشار جنوب نهر الليطاني خلال الفترة الماضية، كان يُفترض أن يتمّ في سياق التزام إسرائيلي كامل بالاتفاق»، محذّراً من أنّ «نزع السلاح هو مشروع إسرائيلي - أميركي، حتى لو جرى تسويقه تحت عنوان حصرية السلاح». وخاطب أركان السلطة بالقول: «إن مطالبتكم بحصرية السلاح في ظلّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية تعني أنكم لا تعملون لمصلحة لبنان، بل لمصلحة إسرائيل».
وأكّد أنّ «مشروع نزع السلاح يندرج في إطار محاولة إنهاء قدرة لبنان العسكرية، واستهداف قدرة فئة وازنة من اللبنانيين، وزرع الخلاف مع حركة أمل، وإحداث فتنة بين المقاومة والناس، بما يتيح للاحتلال البقاء في النقاط الخمس، والاستمرار في القتل من دون حسيب أو رقيب».
وفيما أكّد أنّ «لبنان اليوم في قلب العاصفة وعدم الاستقرار، والسبب هو أميركا الطاغية والعدو الإسرائيلي»، قال قاسم إنّ «الولايات المتحدة رعت الفساد في لبنان وحمت رموزه، وعملت منذ عام 2019 على تخريب الوضع الاقتصادي، وتسعى إلى فرض الوصاية، وهي اليوم تتحكّم بالعديد من مفاصل البلد». ونبّه إلى خطورة المرحلة الراهنة، معتبراً أنّ «لبنان يقف أمام مفصل تاريخي: إمّا الخضوع لما تريده أميركا وإسرائيل، أي الوصاية الكاملة على البلد، وإمّا النهوض وطنياً لاستعادة السيادة والأرض وبناء الوطن والدولة».
وحذّر من أنّه «إذا ذهب جنوب لبنان لن يبقي العدو لبنان»، مؤكّداً أنّ «الدفاع عنه مسؤولية جميع اللبنانيين». وأضاف: «لينفّذ العدو الاتفاق ويوقف خروقاته، وبعدها نناقش استراتيجية الأمن الوطني بما يخدم مصلحة لبنان». وشدّد على أنّ «خروج إسرائيل شرط للعدالة، ولأننا أصحاب أرض سنُدافع ونصمد ونحقّق أهدافنا ولو بعد حين»، متوجّهاً إلى العدو بالقول: «اركبوا أقصى خيلكم، واستخدموا وحشيّتكم وإجرامكم، لن نتراجع ولن نستسلم».
من جهة أخرى، جدّد قاسم التأكيدَ على أنّ «العلاقة بين حزب الله وحركة أمل قوية ومتينة، وسنبقى يداً واحدة». وأضاف أنّ «مسار حزب الله في لبنان كان مضيئاً ومتلألئاً، إذ إنّ حزب الله والمقاومة الإسلامية حرّرا لبنان، لا الجنوب فقط، بالتعاون مع فصائل المقاومة المختلفة، وبدعم من الجيش اللبناني والشعب».
واعتبر أنّ «أداء حزب الله في العمليْن النيابي والحكومي وفي الحقل العام تميّز بنظافة الكفّ»، لافتاً إلى أنّ الحزب «ساهم في بناء الدولة اللبنانية». وختم بالتأكيد على أنّ «سيرة حزب الله ودوره ومكانته جميعها عظيمة ونظيفة على مستوى الأخلاق والعمل والسياسة والمقاومة والتحرير وبناء الدولة»، مضيفاً: «من حقّنا أن ندافع عن أنفسنا، ونحن نشارك في بناء الدولة ونقدّم أفضل نموذج».
نتنياهو يحمل إلى واشنطن «مفهوماً جديداً للأمن» يشمل لبنان
ستكون للبنان حصّة في الاجتماع المرتقب اليوم، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بعد أكثر من شهرين من التسريبات الإسرائيلية حول إعادة بناء حزب الله لقدراته العسكرية، وما يرافقها من تهديدات بعمل عسكري واسع ضدّ الحزب، بذريعة أنّ الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية لا تبادر إلى نزع سلاحه.
وإذا كان ملف غزّة يتصدّر جدول أعمال اللقاء بوصفه العنوان الأبرز، فإنّ الجانب الإسرائيلي يكاد ينفرد بطرح ملفات أخرى تتعلّق بإيران وحزب الله، في مقابل تكاثر التسريبات الأميركية عن نيّة ترامب مطالبة نتنياهو بوقف التوغّلات والأنشطة العسكرية في سوريا، والعمل على التوصّل إلى اتفاق أمني مع السلطات الجديدة في دمشق، وهو ما يتناقض بوضوح مع رؤية العدو للوضع السوري ومسار التعامل معه.
وفيما يترقّب اللبنانيون ما إذا كانت واشنطن ستمنح العدو الضوء الأخضر لشنّ عدوان جديد، أبلغ السفير الأميركي في بيروت، ميشال عيسى، سائليه من اللبنانيين أنّ الولايات المتحدة لا تنوي ممارسة أي ضغط على إسرائيل لوقف أعمالها العسكرية في لبنان، والتي تندرج ضمن «حقّها في الدفاع عن نفسها في مواجهة التهديدات».
وفي أحدث ما نشره إعلام العدو، أفادت تقارير بأنّ المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية أجرت مشاورات مع رئيس الحكومة، جرى خلالها «عرض متطلّبات الحدّ الأدنى الضرورية لأمن إسرائيل في السنوات المقبلة»، بما يضمن «الحفاظ على إنجازات الحرب في مختلف الساحات».
وبحسب هذه التقارير، فإنّ نتنياهو «سيصر على أنّ إسرائيل تريد تأسيس أمنها على مفهوم أمني جديد، يشمل إلى جانب المبادئ القديمة، الدفاع المتقدّم والمنع. وسيطلب من الأميركيين التّفهم، ودعماً سياسياً وعسكرياً لتطبيق هذه المبادئ في جميع الساحات»، مع الإشارة إلى أنّه «ليس مؤكّداً بعد ما إذا كان ترامب سيستجيب لهذه المطالب».
وفي سياق النقاشات الداخلية، أُعدّت لائحة مبادئ تعتبرها المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية حيوية للتطبيق في معظم الساحات، ومن بينها الساحة اللبنانية. وتطالب إسرائيل، في هذا الإطار، بنزع سلاح حزب الله جنوب نهر الليطاني، وتفكيك قدراته العسكرية الثقيلة، وتعزيز عمل آلية الإنفاذ الدولية، إضافة إلى ضمان ما تسمّيه «حرية العمل العسكري الإسرائيلي» عند الضرورة.
الصورة : (أ ف ب)
