
سبق اللبنانيون دولتهم، ففي أقلّ من 24 ساعة على الزلزال المدمّر في تركيا وسوريا، بادر عددٌ من الشبان إلى إطلاق حملة «إغاثة سوريا». استغلّوا مواقع التواصل الاجتماعي لإيصال النداء إلى أوسع شريحة من الراغبين بالتبرّع. وفي غضون 48 ساعة انضمّ إليهم 100 شابٍ وصبية توزّعوا على مراكز في بيروت والجنوب والبقاع. هي في الأصل بيوت ومحال ومكاتب وضعها أصحابها في تصرّف أفراد الحملة ليحوّلوها إلى مراكز لاستقبال التبرّعات العينية وفرزها وتوضيبها.
ومساء أمس وصل 30 من أفراد الحملة إلى اللاذقية، مع 7 أطنانٍ من أصل 30 طناً من المساعدات المتنوعة بين مواد غذائية وأدوية ومستلزمات الإسعافات الأولية وأغطية وملابس، قدّمها لبنانيون وفلسطينيون وسوريون مقيمون في لبنان. وسيجول هؤلاء في المدينة المنكوبة لتوزيع المعونات والمساعدة في رفع الردم. الأطباء والمسعفون وضعوا أنفسهم بتصرّف الصليب الأحمر والفرق الطبّية التي سبق ووصلت المنطقة. وبالتنسيق مع الجهات السورية الرسمية استحصل هؤلاء على أذونات دخول وتسهيلاتٍ للمبيت ثلاثة أيامٍ قريباً من المناطق المتضررة.
سوريا
وقد واصلت سوريا المضيّ في درب «جلجلة» الإنقاذ في اليوم الثالث بعد الزلزال الفاجعة، ، وسط تحرّك عربي لا يزال خجولاً تجاهها، وبلادة غربية تَجري مواراتها بـ«أسطوانة» التضامن مع الشعب السوري.
وإذ سُجّلت بالفعل، خلال الساعات الماضية، خروقات سعودية - مصرية بالخصوص، أنبأت بإمكانية انكسار الطوق المفروض على دمشق، إلّا أن هذه التحركات لا تزال في دائرة المحدود جدّاً، في محاولة على ما يبدو لاختبار ردّة الفعل الأميركية إزاء أيّ انفتاح على الحكومة السورية، فيما بدت قطر قائدةَ حملة إدامة «الأحقاد» حيّة ولو في لحظات المصيبة الجماعية، والسعي للحيلولة دون انفتاح أيّ باب على الدولة السورية.
في المقابل تستمرّ دمشق في مدّ يدها إلى الجميع، حتى أولئك الذين قاموا بدور بالغ السلبية خلال الحرب، معتبرةً أن المعادلة واضحة ولا تحتاج إلى «فلسفة» أو «سفسطة»: سوريا بكلّ ما ومَن فيها تمرّ بمحنة كبرى، تتطلّب استنفاراً عربياً وإقليمياً ودولياً من أجل إنقاذها منها.
تعليق مؤقت للعقوبات
وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت أمس، أنها ستقدّم مساعدة بقيمة 85 مليون دولار إلى تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلدين الإثنين، وتعليق بعض العقوبات المفروضة على دمشق مؤقتاً.
وقالت الوكالة في بيان، إن التمويل سيُسدَّد لـ«شركاء» على الأرض «بهدف تقديم المساعدة الطارئة الضرورية إلى ملايين الأشخاص». وأضافت أن التمويل سيدعم أيضاً تأمين مياه الشرب النظيفة والصرف الصحي لمنع تفشّي الأوبئة.
يأتي ذلك بعدما أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في وقت سابق أمس، اتصالاً بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو لمناقشة حاجات تركيا.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، لصحافيين «نحن فخورون بالانضمام إلى الجهود العالمية لمساعدة تركيا، مثلما سبق أن ساهمت تركيا في كثير من الأحيان عبر خبرائها في عمليات الإنقاذ الإنساني لدول عدة أخرى».
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا مؤقتاً، بهدف إيصال مساعدات إلى السكان المتضررين في أسرع وقت ممكن.
وأوضحت الوزارة أن هذا الإجراء «يسمح لمدة 180 يوماً بجميع الصفقات المتعلقة بمساعدة ضحايا الزلزال، التي كانت محظورة» بموجب العقوبات المفروضة على سوريا.
وأشارت وزارة الخزانة الأميركية أيضاً إلى أن برامج العقوبات الأميركية «تتضمن أساساً استثناءات متينة للعمليات الإنسانية».
وأفاد مسؤولون بأن الولايات المتحدة أرسلت فرق إنقاذ إلى تركيا، فيما تقدّم المساعدة في سوريا عبر من وصفتهم بـ«شركاء محليين»، لأن واشنطن ترفض التعامل مع الرئيس بشار الأسد.
وقال برايس «نحض النظام على السماح فوراً بدخول المساعدات عبر كل المراكز الحدودية، والسماح بوصول (المنظمات) الإنسانية إلى جميع السوريين المحتاجين بلا استثناء».
(الاخبار . أ ف ب )
