
محمد صالح
لم يمر مرور الكرام ما اعلنه بالامس رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل في خطابه من عاصمة الشلال جزين بحضور الرئيس العماد ميشال عون بعد خسارته لمقاعدها النيابية , ولم تنته مفاعيل الرسائل السياسية المباشرة وغير المباشرة التي وجهها الى داخل التيار نفسه , من جلد للذات وانتقاد حاد لما حل بهم في هذه المدينة الجنوبية , والى السياسيين في لبنان خاصة بما يتعلق بإنتخابات رئاسة الجمهورية وبالنزوح السوري وغيرها من مواضيع .
لكن الابرز في كلمة باسيل في عاصمة الموارنه في منطقة الجنوب مدينة جزين كان محاولته المتأخرة للانفتاح على مدينة صيدا من جديد , وتحميله مسؤولية ما حل ب"التيار" من خسائر للنائب السابق زياد الاسود من دون ان يسميه .
.. في قراءة تحمل في طياتها نوعا من الاستشراف لزيارة جزين بمشاركة وحضور الرئيس عون او بالنسبة لما ورد في خطاب باسيل الجزيني على ضوء الوقائع التي حصلت بالامس .. يتبين وفقا لعدد من المراقبين ان المشاركة الجزينية من قبل اهالي المدينة كانت ضعيفة ولم تكن حاشدة.. وهذا الامر ظهر بوضوح , ان كان في القداس الذي اقيم في كنيسة مار مارون بحضور الرئيس عون حيث القى كلمة , او في "ملعب سليم" الذي اقيم فيه الاحتفال او المهرجان حيث القى باسيل خطابه.. وما عوض عن حضور ابناء جزين كان بالمشاركة التي تمت من اهالي القرى المجاورة في قضاء جزين وإن بنسبة معينة, كما لوحظ حضور مناصرين ل"التيار" من مدينة بيروت , كما تردد في جزين عن رصد مشاركة في المهرجان من شمالي لبنان وتحديدا من منطقة عكار؟..
يضيف المراقبون .. ان ما حصل بالنسبة للحضور والمشاركة الجزينية , ربما جاء نتيجة لحرب , او ما يمكن وصفه بعملية عرقلة للزيارة نفسها بهدف اضعاف الحشد من قبل ما فعله وبذله النائب السابق زياد اسود وانصاره من اتصالات وغيرها شملت اناس يعتبرهم قريبين منه اي من "جماعته" , علما ان اسود كان قد قام بنزع صورة الرئيس ميشال عون عن سطح منزله في جزين قبل موعد الزيارة بعدة ايام ..
وبالعودة الى خطاب باسيل الذي تطرق بداية بنوع من الشغف والإطراء الى موقع جزين في الخريطة الجنوبية ودورها الاساسي في المنطقة وحضورها التاريخي ك"نقطة تقاطع بين جنوب المقاومة وبقاع الخير وجبل لبنان الصمود، وجزين المدينة شابكة ايديها مع جيرانها وغامرة صيدا وجبل الريحان، ودورها الطبيعي تكون صلة وصل وليس همزة قطع"..لافتا الى ان "جزين قلب الجنوب الطيب, تحملت ما تحمله الجنوب من العدو الاسرائيلي".
..ولكن يتساءل المراقبون : هل كانت ممارسة القيمين على التيار الوطني الحر وتصريحاتهم في جزين طوال المدة السابقة اي منذ وجود التيار في جزين مرورا بالمرحلة التي اصبحوا فيها نوابا عن المدينة واخذوا المواقع الاساسية فيها شبيهه بما اعلنه باسيل في خطابه!! .. واذا كانت كذلك فلماذا كل هذه القطيعة من ابناء المناطق المحيطة وخاصة في عاصمة الجنوب صيدا ل"التيار"؟ ..
يضيفون .. ان باسيل يستشعر حجم الخسارة التي مني بها تياره في جزين ويعلن بلسانه ان "جزين بكيت ونحن بكينا معها بنتيجة الانتخابات الأخيرة، خسرنا وخسرت ؟".
وهنا يوجه باسيل اللوم الى داخل التيار عندما قال "ان الخسارة تعود لعدم تمكننا من انجاز التحالفات اللازمة مع صيدا والريحان .. وجزء من المسؤولية يقع على بعضنا بسبب خطابه وطريقة تعاطيه واذى بالتيار كثيرا على مدى سنين؟.. معترفا بوجود مشكلة داخلية للتيار و"نزفا تحملناه" .. متابعا "لكن اخذنا القرار بوقف النزيف بانطلاقة جديدة للتيار بجزين عنوانها : الانفتاح على بعضنا وعلى الآخرين، وعدم تسكير ابواب التواصل على أحد او من أحد، واعادة وصل ما انقطع مع كل مكونات صيدا وجزين".
اما النقد اللاذع الذي ساقه في خطابه , فهم انه موجها لكل من زياد اسود وبدرجة اقل واخف ومبطنة الى امل ابو زيد وذلك عندما قال : لا أحد اكبر من التيار، لا بماله ولا بسلطته ولا بشخصه.. في التيار لا يوجد افضليات بين متمولين ومناضلين .. والذي يريد ان يكون أو يبقى في التيار عليه ان يكون تحت سقف نظامه ومبادئه , والذي يعتقد نفسه اكبر من التيار، يخرج منه لنرى حجمه . مشددا على ان "لا جماعات ولا مجموعات في التيار، لا في جزين ولا خارجها".
.. في الخلاصة "ان جبران باسيل يعترف بحجم المشكلة مع الجوار الذي تواجه وواجهت تياره في جزين قائلا : هذه رسالتنا اليوم من جزين المتصالحة مع نفسها ومحيطها، ومن التيار العائد الى ناسه وجزين العائدة الى دورها في تعزيز السلم من ضمن خصوصيّتها وشخصيّتها دون الذوبان بالآخر... جزين ليست ذاهبة الى الحرب كما يريدها البعض . رسالتنا انفتاح وحوار، والتعايش هو وسيلة لمنع انفصال المكوّنات عن بعضها والحفاظ على الوحدة من دون المس بالدور والشراكة والكرامة.
رد اسود
لكن ما ان انتهى باسيل من القاء خطابه حتى رد عليه زياد اسود بقصف من العيار الثقيل والعنيف عبر تغريدة على توتير كاتبًا "جزين ردت عني وعليك". مضيفا "ما بتحرز نضيع وقت على تافه وزغير".
في المحصلة التي من الممكن استنتاجها من خطاب باسيل الجزيني هو استشعاره بانه بات بحاجة ماسة لشخصية جزينية من مدينة جزين نفسها بإمكانها اعادة استنهاض انصار "التيار" فيها وجمعهم من جديد تحت رايته , خاصة ان امل ابو زيد ليس من مدينة جزين بل من جوارها من بلدة في منطقة جبل الريحان .. و"العصبية الجزينية" ليس بمقدور اي شخصية ان تمون عليها من خارج جزين , وباسيل يعرف هذا الامر ويشعر بهذه الازمة بعد خروج ابن المدينة زياد اسود من "التيار" وانقلابه عليه .
فهل بات على باسيل ان يبحث جديا عن هذه الشخصية اليوم قبل الغد , خلفا لأسود ومن مدينة جزين تحديدا, يكون بامكانها طي صفحة الماضي , والقيام بهذا الدور الانفتاحي , وتأمين مخارج وحلول للمشكلة التي يعاني منها "التيار الوطني الحر" في المدينة نفسها ,والعمل على معالجتها , واعادة وفتح الخطوط المقفلة مع جوار جزين ومع صيدا تحديدا ؟..