
اليوم، يبدأ الشهر الثامن من الفراغ في سدّة الرئاسة، وعلى ما تقول مصادر معنية بالملف الرئاسي لـ«الجمهورية»، «كأنّه لا يزال في بداياته. فأطراف التعطيل تقفز فوق الوقت الذي ضاع، ولم تتعظ من فشلها في توجيه البوصلة الرئاسية نحو فرض واقع رئاسي يشبهها، ويعكس سياساتها وينتهج توجّهاتها الصدامية مع سائر مكونات البلد، ولا مما راكمه هذا المنحى الفاشل من تداعيات وسلبيات على مدى 7 اشهر من العبث السياسي الفارغ والدوران في ذات الحلقة المفرغة، وها هي تكرّر ذات التجربة مع «لعبة الترشيحات» التي لم يتمكن أضداد السياسة وجحافل المعارضات من إكمال فصولها حتى الآن، وأغلب الظن انّهم لن يتمكنوا».
وتلفت المصادر إلى «انّ الواقعية تقتضي الاعتراف بأنّ اطراف المعارضة على اختلافهم يفوقون غيرهم في إثارة الصخب السياسي والاعلامي والدعائي، الّا انّ هذا الامر وكما اكّدت التجارب معهم، لم يحقق لهم ما يرجونه، ومع ذلك يكرّرون اليوم ذات المنحى، حيث انّهم يحاولون على ظهر الصخب السياسي والاعلامي، إدخال الوزير السابق جهاد ازعور إلى هذه اللعبة، كمرشح تجمع عليه المعارضات لمواجهة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الّا انّ ما ينبغي لحظه في هذا السياق، هو انّ تخبّط هذه المعارضات ظاهر للعيان، حيث انّ موقفها ما زال متأرجحاً بين قائل بحسم التوافق على ازعور وبين قائل عكس ذلك، والطريف في الأمر في هذا السياق، انّ رئيس حزب معارض صرّح علناً بأنّ التوافق قد حُسم على جهاد ازعور، فيما برز في المقابل قول لأحد نواب الحزب عينه، بأنّ الأمر لم ينتهِ بعد، والتوافق على ازعور لا يزال يحتاج إلى نقاش». يُضاف إلى ذلك، «اللاموقف» الذي أبداه تكتل لبنان القوي».
وفي موازاة قول الشيء ونقيضه من قِبل المعارضات، فإنّ الثابت لدى كل اللاعبين على المسرح السياسي، هو أنّ هذه اللعبة تفتقد إلى الجدّية، ولا تقرّب بالتالي انتخاب رئيس الجمهورية، بل من شأنها أن تمنح عمراً اضافياً للتعطيل.
وأبلغت مصادر سياسية إلى «الجمهورية» قولها: «انّ لكل المعارضات حساباتها المناقضة لبعضها البعض، لكنها في الظرف الراهن تقاطعت مصالحها عبر هذه اللعبة، التي تتأمن، ليس بترشيح جهاد ازعور وانتخابه وهو أمر مستحيل، بل بتحقيق هدف وحيد هو قطع الطريق على الوزير سليمان فرنجية».
وسواء أمكن لهذه المعارضات أن تؤمّن دعماً واسعاً او متواضعاً لترشيح ازعور، فإنّها تبدو وكأنّها أعدّت نفسها لخوض معركة عضّ أصابع طويلة الأمد مع داعمي فرنجية. وفي هذا السياق، أكّدت مصادر سياسية مسؤولة لـ«الجمهورية»، انّ «الغاية الأساس من هذه اللعبة هي محاولة حشر فرنجية، وكذلك محاولة حشر رئيس مجلس النواب نبيه بري وإلزامه بالدعوة إلى جلسة انتخابية، يسقط فيها فرنجية. ولا فرق عند هذه المعارضات إن سقط مرشحها، أكان أزعور او غيره، المهم أن يسقط رئيس تيار «المردة» ويخرج من السباق. ما يفرض في النهاية واقعاً جديداً عنوانه البحث عن خيار رئاسي آخر».
الّا انّ المصادر عينها سألت: «إذا كانت هذه المعارضات تسعى إلى لعبة «عضّ اصابع» تتوخّى منها ان يصرخ داعمو فرنجية اولاً وينصاعوا لرغباتها، فلا أحد يمنع عليها ان تفكّر بذلك، ولكن ماذا لو تحوّلت هذه اللعبة في المقابل إلى لعبة «قضم أصابع»، فهل وضعت هذه المعارضات في حسبانها أي نتائج يمكن تترتب على ذلك؟».
في المقابل تعالت بعض الأصوات التغييرية مشكّكة بخيار الذهاب إلى تبنّي الوزير ازعور، على اعتبار انّه كان جزءاً من المنظومة السياسية التي تسببت بالأزمة، أبلغت مصادر معارضة إلى «الجمهورية»، انّ حسم تبنّي خيار ازعور يخضع للمسات اخيرة، وسيتمّ الإعلان عن ذلك في وقت قريب جداً، ونحن مطمئنون جداً من موقف التيار الوطني الحر».
من جهتها أعربت مصادر ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله» عن استغرابها لما سمّته «الإمعان الغريب في معاكسة رئاسة الجمهورية، والسباحة عكس التيار». وقالت لـ«الجمهورية»: انّ «ما نراه من عراضات واصطفافات بين التناقضات، هو اشبه ما يكون بالعملة الباطلة غير القابلة للصرف في الانتخابات الرئاسية».
وبرز في هذا الإطار موقف لعضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، قال فيه انّه «لم يطرأ أي تغيير على الموضوع الرئاسي، وكل كتلة أو نائب له حق ترشيح من يراه مناسباً ومن ترى فيه المؤهلات والمواصفات، وهذا جزء من العملية الديموقراطية».
وأشار إلى «انّ الفريق الذي رشح النائب ميشال معوض استبدله اليوم بمرشح آخر، فهم عندما طرحوا مرشح تحدٍّ لم يصلوا إلى نتيجة فغيّروا الاسم، ربما ضمن «خطة ب» لعدم النجاح في التجربة الأولى، وهم يريدون التجربة باسم جديد، ويعملون على استقطاب نواب وكتل جديدة». وقال: «يوجد لدينا دستور، نحتكم إليه، وواضح أنّه لا أحد يملك الغالبية في المجلس النيابي، ولذلك دعونا إلى تفاهمات وإلى حوار، هم انتقلوا إلى «الخطة ب» اما نحن فلدينا موقف واحد ثابتون عليه، وهو دعم مرشح نرى فيه المؤهلات والمواصفات المطلوبة، وفي الوقت نفسه دعونا إلى الحوار والتفاهم مع بقية الكتل من أجل الوصول إلى اتفاق، لأنّه في لبنان لا يمكن لأحد أن يفرض رأيه على أحد، ولا أحد قادرا على تحدّي أحد».
وحول الدعوة لعقد جلسة انتخاب قال: «الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس النواب هي من صلاحيات رئيس المجلس، وعندما يدعو إلى الجلسة وتتوافر الظروف، نعلن موقفنا».
أضاف فضل الله: «الفكرة الأساسية أنّ لبنان محكوم بتفاهمات وتوافقات، الفرض والتحدّي لم يوصلا إلى نتيجة، لا بالاسم الأول أوصل، ولا اعتقد انّه بالاسم الثاني سيوصل».
ورداً على سؤال قال: «لا نفرض مرشحاً على أحد، ولا نقبل ان يُفرض علينا مرشح من اي أحد. صحيح نحن ندعم الوزير فرنجية، لكن نحن لا نفرضه على الآخرين بل ندعو الآخرين إلى الحوار والنقاش، علماً انّ الوزير فرنجية ليس فقط مرشح الثنائي، بل هو مدعوم ايضاً من كتل اخرى، وهم قدّموا اسم مرشح، ونحن نقول للجادين في إجراء حوار، وإنجاز هذا الاستحقاق الرئاسي، تعالوا لوضع كل الاسماء من دون إقصاء أحد وإلغاء أحد، نجري خلالها تفاهمات، أما الطريقة الحالية فلن توصل إلى النتيجة المطلوبة».