
استضاف "مركز اشبيلية الثقافي" في صيدا ندوة حوارية بعنوان "تدمير التراث المادي كأداة استعمارية" تحدث فيها كل من د. لبنى طربية و د. حبيب صادق . وادار النقاش د. فؤاد ديراني .بحضور جمع من المهندسين والمهتمين بموضوع التراث من صيدا والجوار .
تركزت المداخلات حول تعريف التراث المادي للشعوب ودوره في تشكيل وتعريف الهوية الوطنية والاجتماعية الثقافية. كما تم شرح تجارب ميدانية ناجحة في الترميم اثبتت اهميتها في حفظ التراث المادي من الاندثار في بعض القرى اللبنانية.
وجرى توصيف وحشية الحرب التدميرية التي شنتها اسرائيل على الجنوب وخاصة في بعض القرى والبلدات الجنوبية والبقاعية وغيرها والاهداف المضمرة بغية "الاحتلال والاحلال ".
--------------------------------------------
"نافذة على التراث".
تعقيبا على موضوع الندوة كان للمهندس المعمار محمد دندشلي تعليق بعنوان "نافذة على التراث" تضمن التالي :
بدايةً:
ما هي عناصر التراث المادي؟
يشمل التراث المادي التالي : المواقع الأثرية، المعالم التاريخية، المباني التراثية، الفنون اليدوية، والمقتنيات القديمة التي تحمل قيمة تاريخية أو حضارية. وهي تمثل نتاج شعب او قوم خلال حقبة تاريخية معينة،تعكس هوية هذا الشعب وثقافته. عندما يُدمَّر هذا التراث، يُفقد جزء مهم من ذاكرة الشعب، مما يؤدي إلى:
1.إضعاف الهوية الثقافية: إن التراث المادي يعبر عن تاريخ الشعب وقيمه، وعندما يُدمَّر، يفقد الشعب وسائل مهمة للتعبير عن نفسه واسترجاع ماضيه.
2.قطع التواصل مع الماضي: وهو يربط بين الأجيال، وعندما يندثر، يُفقد هذا الرابط، مما يجعل من الصعب فهم تطور المجتمع.
3.إضعاف الشعور بالانتماء: كما ان التراث يمنح شعورًا بالانتماء والتجذر، و تدميره يؤدي إلى شعور بالغربة في المكان.
ما هي الأهداف من وراء تدمير التراث المادي؟
التدمير قد يكون متعمدًا أو غير متعمد، وعادة يُستخدم لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية مثل :
1-إعادة كتابة التاريخ:
القوى الاستعمارية أو الأنظمة القمعية تلجأ إلى محو رموز الماضي لإعادة تشكيل الهوية الجماعية بما يخدم مصالحها.
2-السيطرة الثقافية:
تدمير التراث يُستخدم لمحو ثقافة معينة وفرض ثقافة أخرى، كما يحدث في سياقات الاحتلال أو النزاعات العرقية.(فلسطين)
3-إضعاف الروح المعنوية:
في النزاعات والحروب، يُستهدف التراث لإضعاف الروح المعنوية للشعوب وإظهارها بانها غير قادرة على حماية ماضيها. (دمّر الاحتلال في حرب غزة 206 معلم اثري)
من ناحية اخرى قد يكون التدمير بهدف:
4-تحقيق مكاسب اقتصادية: يُدمَّر التراث أحيانًا لتسهيل مشاريع تجارية، كإقامة بنى تحتية أو مشاريع عقارية على حساب المواقع الأثرية. (صيدا مثال)
•التدمير العشوائي مقابل التدمير الممنهج
•العشوائي: يحدث بسبب الإهمال أو الكوارث الطبيعية أو غياب الوعي بأهمية التراث.
•الممنهج: يتم عن قصد وبهدف تحقيق أجندة معينة. وهو مسوؤلية السلطة المركزية وادواتها والسلطة المحلية ، وغياب قوى الضغط المجتمعية.
- من يحمي التراث من المستعمر؟
ان تدمير التراث الثقافي من قبل المحتل أو المستعمر يُعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي، ويُعاقب عليها إذا ثبتت المسؤولية. هذا التصنيف يعتمد على القوانين والاتفاقيات الدولية التي تسعى لحماية التراث الثقافي باعتباره جزءًا من التراث المشترك للإنسانية.
• هم الاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة:
١-اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح.
٢-اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن مكافحة تهريب الممتلكات الثقافية.
٣-اتفاقية جنيف لعام 1949 والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977
٤-نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998: الذي يصنف "تدمير الممتلكات الثقافية أو الدينية عمدًا" كجريمة حرب.
الخلاصة:
ان تدمير التراث المادي من قبل المحتل أو المستعمر يُعد جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، ومع ذلك، تطبيق العدالة يتطلب تعاونًا دوليًا فعالًا وإرادة سياسية قوية.
لا شك ان الندوة اظهرت تفاعل حقيقي بين الحضور وعكست مدى الاهتمام بقضية التراث، مما يحفز على طرح اسئلة جدية حول واقعنا اليوم في ظل تدمير المواقع التراثية بشكل متعمد من قبل الكيان الاسرائيلي من جهة ،ومستقبل القرى والبلدات الجنوبية التى تم مسحها من الوجود.
السؤال:
1- ما هي الخطوات اللازمة لتجريم الكيان الاسرائيلي على التدمير الممنهج لاعتباره جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي؟
2- موقفنا من التراث المدمر وموقعه في صياغة عملية اعادة اعمار القرى المدمرة ؟
3-دور قوى المجتمع الاهلي في حماية الإرث التاريخي .من عبث السلطة المركزية والسلطات المحلية ؟
الشكر لإدارة اشبيلية وموصولا بالشكر والتقدير للدكاترة المحاضرين.
الصور : سوق النبطية التراثي قبل التدميره وبعده ... وصورة تخيلية عبر الذكاء الاصطناعي لما يمكن ان يكون عليه سوق النبطية التراثي بعد اعادة الاعمار (الصور نقلا عن وسائل التواصل الاجتماعي)
المهندس المعمار محمد دندشلي





