
كتبت "الجمهورية" التالي : في خضم التطورات الإقليمية والدولية المتلاحقة والتي تتصدّرها المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية في سلطنة عمان، وعودة التلويح الأميركي ـ الإسرائيلي بضربة عسكرية لإيران، وعلى وقع أزيز طائرات الاستطلاع الإسرائيلية وتحليقها في أجواء بيروت وضواحيها، انعقد مجلس الوزراء أمس، باحثاً في ملف سلاح «حزب الله»، لينتهي النقاش إلى ترك الأمر لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي يدور بحث بينه وبين «الحزب» في شأن هذا الملف.
للمرّة الاولى منذ عهود يدخل مجلس الوزراء في ملف هو في منتهى الحساسية والخطورة، فما كان يُحسب في السابق taboo لا يمكن المرور عليه ولو في غرفة مغلقة لا هواتف فيها، أصبح على طاولة البحث من ضمن جدول أعمال، كبند من البنود الخاضعة للتنفيذ. انّه بند سلاح «حزب الله» الذي تموّه في صيغة مختلفة أُدرجت تحت بند تضمن عرض وزارة الدفاع لواقع ومراحل تنفيذ البيان الوزاري للحكومة في شقّه المتعلق بالقرار 1701، والترتيبات الخاصة لوقف الأعمال العدائية وبسط سيادة الدولة على كل أراضيها بقواها الذاتية حصراً، كما جاء في «اتفاق الطائف
وقال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»، إنّه للمرّة الأولى يضع مجلس الوزراء يده على ملف القرار الدولي 1701، وللمرّة الأولى منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني يشرح الجيش دوره على الأرض بوضوح وبطريقة مفصّلة تضمنت أموراً لم تكن معروفة، لكن عملياً، بحسب المصدر نفسه، فإنّ ما طرح لم يعط نتيجة، إنما وضع حداً للجدال الذي كاد يتحول مادة تفجيرية في الأيام القليلة الماضية.
وكشف المصدر انّ مجلس الوزراء تبلّغ من قائد الجيش رودولف هيكل الذي حضر الجلسة في شكل عملي وواقعي، انّه لم يعد هناك وجود سلاح لحزب الله جنوب الليطاني، أما شمال الليطاني فبقي الأمر مموهاً في عبارات عدة أهمها ما قاله رئيس الجمهورية في الجلسة من انّ الملف «سيُعالج في وقته». وقد أكّد هيكل في مداخلته انّ الجيش نفّذ في جنوب الليطاني 5000 مهمّة منذ التوصل لوقف النار 2500 منها نفّذها بمفرده والبقية نفّذها بالتعاون والتنسيق مع قوات «اليونيفيل»، وقد أنهى الجيش مهمّاته في 90 في المئة جنوب الليطاني وبقيت نسبة 10 في المئة وهي القرى والبلدات على الحافة الأمامية من الحدود، حيث تمنع إسرائيل دخول الأهالي والجيش اليها.
والخلاصة، قال المصدر الوزاري، انّ ملف السلاح اصبح على طاولة البحث في مقاربة أولية. أما الحوار الفعلي في شأنه فسيتولاه رئيس الجمهورية «عندما تصبح الظروف مؤاتية»، حسب ما قال، لكن هذا لا يمنع من أن يستمر الجيش اللبناني في تطبيق مهماته ومصادرة السلاح أينما وجد بما فيه شمال الليطاني، بتسهيل وتعاون من «حزب الله».
وعلمت «الجمهورية»، انّ وزراء «القوات اللبنانية» حاولوا أخذ النقاش إلى مكان يضغط على مجلس الوزراء في اتجاه تحديد مهلة زمنية ولو مبدئية لسحب السلاح، واقترحوا ان تكون هذه المهلة 6 أشهر، وإذا لم يلتزم المعنيون «تكون هناك نيات مبيتة».
لكن وزراء «الثنائي الشيعي» تصدّوا لهذا الأمر وأصرّوا على أنّ الموضوع المطروح محصور بمراحل تنفيذ القرار الأممي وانتشار الجيش وليس سحب السلاح، وإن كان واضحاً انّ هناك توجيهات لوزراء «حزب الله» من خلال مداخلتهم بإبداء المرونة وعدم الانجرار إلى أي صدام خلال النقاشات.
وأكّد وزير الصّناعة جو عيسى الخوري، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، أنّ «وزراء حزب «القوّات اللّبنانيّة» أثاروا موضوع تحديد جدول زمني لتسليم السّلاح غير الشرعي، اللّبناني وغير اللّبناني في خلال ستّة أشهر»، مشيرًا إلى أنّه يمكن البدء بالمخيّمات الفلسطينيّة».
وكان رئيس الجمهورية تناول في كلمة له امام مجلس الوزراء دور الجيش اللبناني والصعوبات والتحدّيات الكبيرة التي تواجهه، سواء بالظروف أو بالعديد والعتاد، وهو دور متعاظم جداً قياساً على إمكاناته والحاجات المطلوبة منه. ثم اطلع مجلس الوزراء على نتائج زيارته الى قطر، فأكّد أنّ لقاءه مع الأمير تميم بن حمد «كان مثمراً وممتازاً»، وقال: «أبدى المسؤولون القطريون استعدادهم للتعاون في كافة المجالات، وهم مستمرون في دعم المؤسسة العسكرية». ولفت إلى انّ وفداً قطرياً قد يزور لبنان الأسبوع المقبل للبحث في موضوع الكهرباء.
وإذ أشار عون إلى حرص الدول التي تبدي استعدادها لمساعدة لبنان على موضوع الإصلاح، فإنّه أثنى على الدور الذي قامت به الحكومة في إنجاز مشروع قانون إصلاح المصارف «الذي وقّعته اليوم وأحيل إلى مجلس النواب»، مشيراً إلى استعجال دولة رئيس المجلس الأستاذ نبيه بري في هذا المجال، ما يعطي صدمة إيجابية». وقال: «منذ تأليف الحكومة سُجّلت صدمة إيجابية الواحدة تلو الأخرى، وإن شاء الله سنتابع الصدمات الإيجابية على الدوام». ثم تناول رئيس الجمهورية الخلية التي تمّ ضبطها في الأردن، فقال: «اتصلت بجلالة الملك عبد الله الثاني وطلبت من مدير المخابرات التنسيق مع نظيره الأردني، كما أجرى وزير العدل اتصالاً أيضاً بوزير العدل الاردني، معرباً عن أمله في ان يتمّ تفكيك هذه الشبكة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية كافة».
تفعيل استثنائي
وكانت تفاعلت في الساعات الأخيرة المعلومات التي أدلى بها الموقوفون من خلايا «الأخوان المسلمين» في الأردن، بتهمة التخريب، لجهة اعترافهم بالقيام بتدريبات على الأراضي اللبنانية. وقد تكثفت الاتصالات بين بيروت وعمّان في إطار التعاون لكشف الملابسات، كما استنفرت الأجهزة الأمنية المعنية لهذه الغاية.
وفي هذا السياق، جرى تفعيل استثنائي لدوريات الجيش والقوى الأمنية في المنطقة الواقعة بين خطي الليطاني والأولي في الجنوب، وخصوصاً في مدينة صيدا، وتخلّلت ذلك مداهمات أمنية تهدف إلى تقصّي كل الحقائق حول تحرّك بعض الخلايا الفلسطينية، سواء على خلفية الأخبار الواردة من الأردن، أو على خلفية إطلاق عناصر فلسطينية صواريخ في اتجاه إسرائيل الشهر الفائت.
وكان الجيش أعلن امس أنّ «بنتيجة الرصد والمتابعة من قبل مديرية المخابرات في الجيش، والتحقيقات التي أجرتها المديرية والشرطة العسكرية، وبالتعاون مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام، في شأن عمليّتي إطلاق صواريخ في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة بتاريخَي 22 و28/3/2025، الأولى بين بلدتي كفرتبنيت وأرنون ـ النبطية، والثانية في منطقة قعقعية الجسر – النبطية، توصّلت المديرية إلى تحديد المجموعة المنفِّذة، وهي تضمّ لبنانيين وفلسطينيين».
«العصر الإسرائيلي»
وفي المواقف، أكّد أمس الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حديث لـ«التلفزيون العربي»، أنّ «المنطقة دخلت في العصر الإسرائيلي قبل السابع من تشرين الأول 2023، وجزء منها دخلها عندما احتل الأميركيون العراق الذي كان حاجزاً كبيراً»، وقال: «منذ تلك اللحظة إسرائيل تتمدّد». وأضاف: «لا أعتقد أنّ حماس كانت تتوقع ردّة الفعل الإسرائيلية هذه، ولكن دخلوا في حلقة جهنمية واستفادت إسرائيل، وهي ستستمر في التدمير والتهجير والإقصاء المطلق لكل قطاع غزة وأهلها. ولاحقاً، سيأتي دور الضفة الذي بدأ، ولكن حجم الدمار سينتقل إلى الضفة». وتابع: «أرى أنّ الحرب قادمة، ولا تستطيع إسرائيل بمفردها أن تشعل الحرب، إنما أميركا وإسرائيل تشعلانها معاً، وستكون حرباً طويلة، والرئيس الأميركي دونالد ترامب يفرض خوة على كلّ الناس».
واعتبر أنّ «الهلال الخصيب الإيراني انهار وتراجع، والهلال الآخر المضاد الإسرائيلي يتوسع ليس بالضرورة عبر الاحتلال المباشر، إنما باستغلاله للتقسيمات الطائفية والدينية والعرقية والمذهبية والقبلية للبنان وسوريا والعراق»، وقال: «لم يبقَ شيء ولكن الأهم أن تبقى الذاكرة الفلسطينية. فهناك أرض فلسطين التي احتُلت موقتاً، لكنها ستعود ونحن نواجه ذاكرة صهيونية تستمد قوتها من «التوراة» ومن «العهد القديم»، وبعضها قد يكون حقيقياً وبعضها اختراعاً، وهم يعتمدون على ذاكرتهم، وعلينا أن نعتمد على ذاكرتنا مع الجيل الجديد». وأضاف: «أحمد الشرع لا يزال في بداية الطريق، فإذا استطاع نظامه بناء نفسه بشرعية معينة، كما هي شرعية الحكم في العراق، فيكون إنجازاً».
اعتصام رفضاً لقرارات «التربية» والحكومة
نفذت رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الاساسي الرسمي في لبنان - اللجنة الفاعلة، اعتصاما أمام وزارة التربية، «رفضا لقرارات وزيرة التربية والحكومة التي ادت إلى حرمانهم من بدل الإنتاجية 375$ عن كل شهر في فصل الصيف».
وقالت رئيسة الرابطة نسرين شاهين: «تابعت: «نعتصم اليوم بعد اضراب يومين تحذيريين، ومهلة أسبوعين، ومن ثم الإضراب مستمر منذ أيام، بهدف إعادة اقرار المساعدة الاجتماعية التي كانت تعطى تحت مسمى بدل إنتاجية، وسلبت منا بسبب وقف سلف الخزينة وتغيير النظام المالي بدفع رواتب المعلمين في القطاع التعليمي الرسمي من قبل الحكومة. نحن مع الاصلاح والانقاذ، ولكن، هل من جيبة الأكثر فقرًا يكون الاصلاح؟ نحن مع الحس بالمسؤولية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ لبنان، ولكن هل للعيش شهور من دون راتب ان يترك في الانسان اي احساس؟».
الصورة : (نقلا عن الجمهورية)